نظرات في الشّاهد الشّعري في كتاب (العين)
ليس يخفى أهمّية معجم العين، من حيثُ السَّبْقُ والتَّصَدُّر، والقيمةُ والمنزلة، ومن حيثُ مكانةُ مؤلِّفه الخليل بن أحمد الفراهيديّ، وهو مَن هو، عِلْمًا وابتكارًا وسَعة معرفةٍ واطّلاع، غير أنّ هذا الكتاب لم يلق حظًّا من العناية بمادّته، فخرج إلى النّاس في طبعةٍ غير مخدومةٍ خدمةً تدلّ على عِلْم الخليل، ولا تدلّ على المادّة اللُّغويّة الّتي استقاها من أفواه أهلها، وإنّما جاءت مادّة الكتاب مضطربةً، اعتُمد في ضبطها على معجماتٍ أُلِّفت بعد كتاب العين، فضلًا عمّا لحق الشّواهد من ضعف ضبطٍ وتثبّت، فقَلَّتِ الفائدة منها، وحامت حول صحّتها الشّكوك.
وقد تناول هذا البحث الشّاهد الشِّعْريّ في مطبوعة العين الّتي نشرها الأستاذان مهدي المخزوميّ وإبراهيم السّامرائيّ، وما أصابَ الشّاهد في مطبوعتهما تلك من تحريفٍ وتصحيفٍ وسقطٍ واجتزاء، وما اعترى مَتْنَهُ من أخطاء في اللُّغة والنَّحْو والصّرف والوزن والإملاء، وهو ما حجب مادّة الكتاب، فقلّ العائدون إليها إلّا مَنِ اضطرّ إلى معجم العين وحدَه دون سواهُ من المعجمات.
ولقد كان نصيب الشّاهد الشّعريّ من الأخطاء أكثر من أنصباء غيره، فجاءت كثيرةً متنوّعةً في اللُّغة والنّحو والعَروض والقوافي وغيرها يصعب معها الثّقة بالشّاهد أو الاطمئنان إليه، أو القَبول والتّسليم به مادّة للاستشهاد من دون تَنْقيرٍ وتَمْحيصٍ عظيمين عن أصلِهِ وما كان عليه من صوابٍ، وعرضِهِ على معجمات العربيّة الّتي صرّح أصحابها بالأَخْذِ عن العين، أو الّتي ساقت الشّاهد من دون تصريح بالنّقل عنِ الخليل يستوي فيها مَن نقل عنه أو عن غيره.
الدكتور مقبل التام عامر الأحمدي
Education - This is a contributing Drupal Theme
Design by
WeebPal.