الدّوامغ الشّعريّة بين القحطانيّة والعدنانيّة

         يتناول البحث ضَرْبًا من ضُرُوب الشِّعر سُمِّيت قصائده بالدّوامغ، كانت دوافعُهُ  عصبيّةً محضةً بين القَحطانيّة والعَدنانيّة، وفيه استيعاب لإِرْثِ طائفةٍ من شعرائهم من  الجاهليّة حتّى عصرنا المَعِيش هذا، وفي تلك الجاهليّة كان الأَفْوهُ الأَوْديّ (نحو 50 ق هـ) والفِنْد الزِّمّاني(نحو 70 ق هـ)، وكانت لهما قصيدتان رائيّتان مُلئتا فخرًا وحماسةً، وغَصَّتا قَدْحًا وذَمًّا، وفي عصرنا كان ثمّة شاعران -ينتهي بدامغتَيهما المتبوعتين بشافية المدموغين البحثُ- هما: أحمد محمّد الشّامي (1426هـ)، ومطهَّر بن عليّ الإريانيّ.

        وبين ذَينِ العصرين الجاهليّ والمعِيش، كان ثمّة شعراء كُثُر أشهرهم الكميت بن زيد الأسديّ (126هـ) ودِعْبل بن عليّ الخُزاعيّ (248هـ) والحسن بن أحمد الهَمْدانيّ(334هـ)، ومحمّد بن الحسن الكَلاعيّ (404هـ)، وقد كانت أشعارُهم كثيرةَ الدَّور على الفخر والحماسة لأقوامهم، والقَدْح والغَمْز من غيرهم، وعلى قدر ما كان بينهم من ثاراتٍ وخصومات أخذ الشّعراء ينْقض بعضُهم قَريْضَ بعْضٍ، ويدْفع المتأخِّر منْهم ما فَخَر به المتقدِّم ويَهْدم ما بَنَاهُ، ويشيد لقومه مآثر جمّة.

       وجُعِل مَدار الاخْتيار في هذا البحْث المعنيّ بالدّوامغ لأجل التَّفريق بينها وبين ما يُعرف بالنّقائض: أنْ تكون القصيْدةُ المُنْتَخَبَة قدْ سُمِّيتْ بالدّامغة أوِ المُفْحِمة أو ما يندرج تحت ذَينِ المُسَمَّين أو حولهما، أو تكون بدْءًا له جوابٌ دامغٌ مُفْحِم، أو جوابًا كان له بدْءٌ دامغٌ مُفْحِم، على أن يكون التّفاخرُ – حاضرةً كانتِ التّسمية أو غائبة - بين قبيْليْن يُفْضي إلى الفخْر بين الأبَوَيْن عدْنان وقَحْطان أو هجاء أحدهما ومن تحدّر منه، وبهذا الضّابط تسْقط النّقائض المشهورة وما بُنِي بِناءَها منَ الاخْتيار؛ إذ أشْهر شعرائها جريْرٌ والفرزدق كان كلاهما من تَمِيْم.

الدكتور مقبل التام عامر الأحمدي
Education - This is a contributing Drupal Theme
Design by WeebPal.