المقالة العاشرة في علم الفلك من كتاب سرائر الحكمة لأبي محمّد الحسن بن أحمد الهَمْدانيّ

كُتُبُ الهَمْدانيّ ــ روّح الله روحه ـــ كثيرةٌ ومتنوّعة، وقد تُكُلِّم على غزارة عِلْمه فيها وُرُوداً وإِصْداراً في غيْر ما موضعٍ وعلى غيْر ما يدٍ منْ عَرَبٍ وعَجَم، على أنّ للمسْتشْرقيْن فضْلَ السّبْق في التّنْبيْه على نفائسه وذخائره.

وكتابُهُ الّذي بيْن أيْديْنا (المقالةُ العاشرةُ في عِلْم الفَلَك منْ سرائرِ الحكْمة) بحسب ما جاء مرْقوماً على غلاف مخْطوطته اليتيْمة، أو (المقالةُ العاشرةُ منْ سرائرِ الحكْمة في عِلْم النُّجُوم) وَفْقاً لما زَبَرَ المؤلِّف في دِيْباجته لهذه المخطوطة نفسها= قطْعةٌ منْ كتابٍ له كبيْر، على أنّه زَعَمَ نَفَرٌ ـ قَنِطوا من الوقوف على ما حُجِب منْ تُراث الرّجل ـ أنّ عبارة (المقالة العاشرة) مصْطلحٌ يُطْلق على الفنّ المتعلّق بالفلك والنّجوم، واتّكاء على هذا ـ بحسب زَعْمهم ـ فليس ثمّة مقالاتٌ له أخْرى لا قبْل العاشرة ولا بعْدها.

وتلْك قالةٌ بُنِيتْ ـ على الأرْجح ـ على وَهْم مردُّهُ عدم الاطّلاع على ما ورد في تضاعيف المقالة العاشرة؛ إذْ أحال الهَمْدانيّ نفسه فيها على مقالاتٍ له أُخَر سبَقَتها وتَلَتْها أيْضاً، فقال (الصّفحة 35): «قد ذَكَرْنا في المقالة الأُوْلى أنّ منْطقةَ الفلك المسْتقيْم ومنْطقة فلك البُرُوج متقاطعتانِ على نقْطةِ رأْس الحَمَل ورأْس الميْزان».

وقال أيْضاً (الصّفحة 139): «وقد ذَكَرْنا هذا المذْهب في المقالة السّادسة، وهو مذْهبٌ يعود إلى أصْل».

وقال أيْضاً (الصّفحة 34): «وقد ذَكَرْنا في المقالة التّاسعة أَقاوِيْلَ النّاس في هذا المعْنى، والوجْه ما ذَكَرْنا منَ المعْنى ومَجاز الكلام»، وفيْها أيْضاً (الصّفحة 46): «قد ذَكَرْنا في المقالة التّاسعة اخْتلاف النّاس فيْما بين الدّرجة الطّالعة والغاربة».

أمّا إحالته على ما تَلا المقالةَ العاشرةَ فقولُهُ (الصّفحة 112): «وقد فسّرْنا ذلك في باب الممرّ منَ المقالة الحاديةَ عشْرةَ»، وهذه الإحالة تُنْبئ عنْ كشْفٍ طريْفٍ يُثْبت أنّ مقالات الهَمْدانيّ في كتابه (سرائر الحْكمة) تَكْثُر عدداً ما كان يُظَنّ.

وكان القاضي محمّد بن عليّ الأكوع رحمه الله، قد نشر المقالة العاشرة سنة 1978م، فيْما نشر منْ تراث الهَمْدانيّ ونفائسه، غير أنّه كان بنشرته تلك بعضُ الهَنَات وشيءٌ من السّقط،مع انعدام تامٍّ للفهارس والضّبط؛ ما أفضى إلى قلّة انْتشارها في الأصْقاع،  وإذْكاء الرّغْبة في نفسي لإعادة النّظر فيها وَفْق الطّاقة والوُسْع.

 أمّا عملي في هذه المخطوطة اليتيمة المصوّرة عن أصل بمكتبة الجامع الكبير بصنعاء = فإنّه ـ لـمّا لم يكنْ لي يَدٌ في علْم الفلك والنّجوم ـ لا يجاوز قراءةَ النّصّ ورسْمَهُ واسْتِنْطاقَهُ ومحاولتَهُ عمّا أَسَرَّ مؤلِّفُهُ فيه، علّه يخرج منْ بعدُ في حلّةٍ قريْبةٍ منَ الأصْل الّذي وضَعَهُ مؤلِّفُهُ؛ ثمّ فهرسة ما حُصِّلَ فيْه منْ (آيات قرْآنيّة) (و(أسماء) و(بُلْدان) و(كُتُب) و(مفردات وتراكيْب)؛ وأحسب أنّ الفِهْرسيْن الأخيْرين فيْهما فائدة جليْلة، لِتِبْيان غزارة ما ألّف أسلافُنا في هذا الفنّ ولـمّا نقفْ عليْه، ولجِدّة كثيرٍ منَ المصْطلحات، ممّا يُعيْن على وَضْع معْجم شاملٍ للفلك والنّجوم، أو يُثْري تلْك المُسْتلّات المُتناثرة في أصْقاع الوطن العربيّ.

وقد وُضِع في أثْناء هذا الكتاب ترقيْمٌ مزْدوجٌ؛ رقْمٌ عامٌّ يُشير إلى صفْحات المجْموع الّذي تهْجَع فيه هذه القطْعة، ورقْمٌ خاصٌّ يشير إلى صْفحات القطْعة نفْسها مسْتقلّة عنِ المجْموع، ابْتداءً منْ صفْحة الغلاف الّذي يتضمّن عنْوان هذه القطْعة؛ فالرّقْم [257/2] ـ مثلاً ـ يُشير إلى الصّفْحة (257) للمجْموع، ثمّ يشير إلى الصّفْحة(2) منَ القطْعة موضوع الحديْث.

على أنّه ليْس منَ البِرّ ـ رغم الوَجازة في التّصدير ـ الإعْراض عن التّنْبيْه ههنا على أنّ ثَمَّةَ عالماً يحْمل قلْباً ذكيًّا وصدْراً رَحْباً قد أعان كاتب هذه الأسْطر على عِراض مخطوطة هذا الكتاب (المقالة العاشرة) ساعاتٍ كثيرةً غير ما مرّة من دون كَلَل أو مَلال؛ أعني الأستاذ محمّد لطف غالب، حفظه الله، فإليه أسدي شكْري وامْتناني.

واللهَ أسالالتّوفيْق و السَّداد

 

الدكتور مقبل التام عامر الأحمدي
Education - This is a contributing Drupal Theme
Design by WeebPal.